الخميس، 29 أغسطس 2013

الإمام أحمد يجيز التوسل والحلف بالنبى صل الله عليه وسلم

مالك والشافعى وأبي حنيفة ـ على أنه لا يسوغ الحلف بغيره من الأنبياء والملائكة‏.‏ ولا تنعقد اليمين بذلك باتفاق العلماء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى تنعقد اليمين به خاصة دون غيره؛ ولذلك قال أحمد فى منسكه الذى كتبه للمروذى ‏[‏أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذى، صاحب الإمام أحمد، حدث عن أحمد بن حنبل ولازمه وعن هارون بن معروف ومحمد بن منهال وروى عنه أبو بكر الخلال وعبد الله الخرقى، ولد فى حدود المائتين، وتوفى سنة خمس وسبعين ومائتين‏.‏ ‏[‏سير أعلام النبلاء 13 173-175‏]‏ صاحبه‏:‏ إنه يتوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم فى دعائه، ولكن غير أحمد قال‏:‏ إن هذا إقسام على الله به، ولا يقسم على الله بمخلوق، وأحمد فى إحدى الروايتين قد جوز القسم به، فلذلك جوز التوسل به‏.‏ 
 وعن أحمد بن حنبل رواية: أنه يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يجب الإيمان به خصوصًا، ويجب ذكره في الشهادتين والأذان فلإيمان به اختصاص لا يشركه فيه غيره، واختار هذا طائفة من أصحاب الإمام أحمد كالقاضي أبي يعلى[72] وغيره خصوا ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم
وقال ابن عقيل[73]: بل هذا كونه نبيًا وطرد ذلك في سائر الأنبياء.
 

قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني: (فَصْلٌ : وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِالْحَلِفِ بِمَخْلُوقٍ ; كَالْكَعْبَةِ ، وَالْأَنْبِيَاءِ ، وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهَا. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا : الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينٌ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : إذَا حَلَفَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَنِثَ ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. قَالَ أَصْحَابُنَا : لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ ، فَالْحَلِفُ بِهِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ ، كَالْحَلِفِ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ ، قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { مَنْ كَانَ حَالِفًا ، فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ ، أَوْ لِيَصْمُتْ }. وَلِأَنَّهُ حَلِفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ ، فَلَمْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ ، كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ ، فَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِهِ ، كَإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ ، وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ اسْمِ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى اسْمِهِ ; لِعَدَمِ الشَّبَهِ ، وَانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي هَذَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْإِيجَابِ).


وقال العلامة المرداوي في الإنصاف: (وَأَمَّا الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ. وَهُوَ اخْتِيَارُهُ. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا : تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَقَدَّمَهُ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مِثْلُهُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. تَنْبِيهٌ : ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( خَاصَّةً ) أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ : لَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَالْتَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِكُلِّ نَبِيٍّ



 ونقل عن أحـــمــــــد بـــن حــنــبــــــل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما يعرف النزاع في الحلف بالأنبياء،
فعن أحمد في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم روايتان:
إحداهما: لا ينعقد اليمين به كقول الجمهور؛ مالك وأبي حنيفة والشافعي.
والثانية: ينعقد اليمين به واختار ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي وأتباعه، وابن المنذر وافق هؤلاء.
وقصر أكثر هؤلاء النزاع في ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وعدَّى ابن عقيل هذا الحكم إلى سائر الأنبياء).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق