الجمعة، 30 أغسطس 2013

نماذج موثقة من تأويل السلف الصالح

* نماذج من تأويل السلف :
 
* تأويل ابن عباس وغيره للساق بالشدة :
روى ابن أبي حاتم في تفسيره 10/3366
(من طريق عكرمة عن ابن عباس انه سئل عن قوله :
يوم يكشف عن ساق قال : اذا خفى عليكم شيء من القران فابتغوه في الشعر فانه ديوان العرب اما سمعتم قول الشاعر.
اصبر عناق انه شر باق قد سن لي قومك ضرب الاعناق
وقامت الحرب بنا على ساق. 


قال ابن عباس : هذا يوم كرب وشدة.
عن ابن عباس يوم يكشف عن ساق قال : هو الامر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.) اه


وفي تفسير عبد الرزاق 3/310 :
( عبد الرزاق عن ابن التيمي عن أبيه عن مغيرة عن إبراهيم:
في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال عن أمر عظيم وقال قد قامت الحرب على ساق ...
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة :
في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال يكشف عن شدة الأمر ) 
 

وفي تفسير الطبري 12/197 :
( يقول تعالى ذكره يوم يكشف عن ساق )
قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل : 

يبدو عن أمر شديد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :
يوم يكشف عن ساق قال : هو يوم حرب وشدة .
حدثنا ابن حميد قال ثنا مهران عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن عباس : يوم يكشف عن ساق قال : عن أمر عظيم 

كقول الشاعر :
وقامت الحرب بنا على ساق
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم :
يوم يكشف عن ساق ولا يبقى مؤمن إلا سجد ، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً ، وكان ابن عباس يقول : يكشف عن أمر عظيم ، ألا تسمع العرب تقول :
وقامت الحرب بنا على ساق
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس :
قوله يوم يكشف عن ساق يقول : حين يكشف الأمر ، وتبدوا الأعمال ، وكشفه : دخول الآخرة وكشف الأمر عنه .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن ابن عباس :
قوله يوم يكشف عن ساق هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .
حدثني محمد بن عبيد المحاربي و ابن حميد ، قالا : ثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن مجاهد :
قوله يوم يكشف عن ساق ، قال : شدة الأمر وجده ، قال ابن عباس : هي أشد ساعة في يوم القيامة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : شدة الأمر ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد :
قوله يوم يكشف عن ساق قال : شدة الأمر ، قال ابن عباس : هي أول ساعة تكون في يوم القيامة ، غير أن في حديث الحارث قال : وقال ابن عباس : هي أشد ساعة تكون في يوم القيامة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم بن كليب ، عن سعيد بن جبير قال :عن شدة الأمر .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة :
في قوله يوم يكشف عن ساق قال : عن أمر فظيع جليل .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة :في قوله يوم يكشف عن ساق قال : يوم يكشف عن شدة الأمر .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول :في قوله يوم يكشف عن ساق وكان ابن عباس يقول : كان أهل الجاهلية يقولون : شمرت الحرب عن ساق يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا ) اه
 

وفي مشكل القرآن لابن قتيبة :
( فمن الاستعارة في كتاب الله عز وجل ( يوم يكشف عن ساق ) أي عن شدة من الأمر ، كذلك قال قتادة ، وقال إبراهيم : عن أمر عظيم .          وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجد فيه ، شمر عن ساقه ، فاستعيرت الساق في موضع الشدة ) اه


* تأويل ابن عباس وغيره من السلف الإتيان بإتيان الأمر :
قال القرطبي في تفسيره 7/129 :
( أو يأتي ربك ) قال ابن عباس و الضحاك :
أمر ربك فيهم بالقتل أو غيره ، وقد يذكر المضاف إليه والمراد به المضاف ، كقوله تعالى : واسأل القرية [ يوسف : 82 ] يعني أهل القرية . وقوله : وأشربوا في قلوبهم العجل [ البقرة : 93 ] 

أي حب العجل .
كذلك هنا : يأتي أمر ربك ، أي عقوبة ربك وعذاب ربك . ) اه

* تأويل ابن عباس وغيره من السلف الكرسي بالعلم :
في تفسير ابن ابي حاتم 2/ 490
( حدثنا ابو سعيد الاشج ، ثنا ابن ادريس ، عن مطرف بن طريف عن جعفر بن ابي المغيرة ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس :
قوله : وسع كرسيه السموات والارض قال : علمه.
وروى عن سعيد بن جبير ، نحو ذلك )
 

وفي تفسير ابن جرير 3/6 :
( حدثنا أبو كريب و سلم بن جنادة قالا ، حدثنا ابن إدريس ، عن مطرف ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس :
وسع كرسيه ، قال : كرسيه علمه .
 

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مطرف عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مثله ، وزاد فيه : ألا ترى إلى قوله : ولا يؤوده حفظهما
ثم قال ابن جرير بعد ذلك :
( وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن ، فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عنه أنه قال : هو علمه . وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره : ولا يؤوده حفظهما على أن ذلك كذلك . 

فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم وأحاط به مما في السماوات والأرض ، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم : ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما [ غافر : 7 ] ، فأخبر تعالى ذكره : أن علمه ومع كل شيء ، 
فكذلك قوله : وسع كرسيه السماوات والأرض .
قال أبو جعفر : وأصل الكرسي العلم . ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة ، ومنه قول الراجز في صفة قانص :
حتى إذا ما احتازها تكرسا
يعني علم ، ومنه يقال للعلماء الكراسي ، لأنهم المعتمد عليهم ، كما يقال : أوتاد الأرض ، يعني بذلك أنهم العلماء الذين تصلح بهم الأرض ،

 ومنه قول الشاعر :
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة كراسي بالأحداث حين تنوب
يعني بذلك : علماء بحوادث الأمور ونوازلها ) اه كلام ابن جرير
 

وفي الدر المنثور :
( وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس :
{ وسع كرسيه السموات والأرض } قال : كرسيه علمه ، 

ألا ترى إلى قوله { ولا يؤده حفظهما }) اه

* تأويل ابن عباس وغيره من السلف الأيدي بالقوة :
في تفسير ابن جرير 11/472:

في قوله تعالى ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون )
( يقول تعالى ذكره : والسماء رفعناها سقفاً بقوة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
 

ذكر من قال ذلك .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس :
قوله والسماء بنيناها بأيد يقول : بقوة .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد :
قوله بأيد قال : بقوة .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة :
والسماء بنيناها بأيد : أي بقوة .
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر قا
ل : ثنا شعبة عن منصور :
أنه قال في هذه الآية والسماء بنيناها بأيد قال : بقوة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله والسماء بنيناها بأيد قال : بقوة .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان :
والسماء بنيناها بأيد قال بقوة ) اه
 

و في الدر المنثور :
( وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة .
وأخرج آدم بن أبي إياس والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { والسماء بنيناها بأيد } قال : يعني بقوة ) اه


* تأويل الامام أحمد للمجئ بمجئ القدرة :
في مناقب أحمد للبيهق ( مخطوط ) :

( قال وأنبأنا الحاكم قال حدثنا أبو عمرو السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال سمعت عمي أبا عبد الله يعين الإمام أحمد يقول احتجوا علي يومئذ يعني يوم نوظر في دار أمير المؤمنين فقالوا تجئ سورة البقرة يوم القيامة وتجئ سورة تبارك فقلت لهم إنما هو الثواب قال تعالى وجاء ربك إنما تأتي قدرته وإنما القرآن أمثال ومواعظ
 

قال البيهقي :
هذا إسناد صحيح لا غبار عليه وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيء الذي ورد به الكتاب و النزول الذي وردت به السنة انتقالا من مكان إلى مكان كمجيء ذوات الأجسام ونزولها وإنما هو عبارة عن ظهور آيات قدرته ... وهذا الجواب الذي أجابهم به أبو عبد الله لا يهتدي إليه إلا الحذاق من أهل العلم المنزهون عن التشبيه ) اه
انظر البداية والنهاية ( 10 / 327 )

* تأويل الامام البخاري الضحك بالرحمة :
في الاسماء والصفات للبيهقي ص ( 470 )
( عن البخاري قال : ( معنى الضحك الرحمة ) اه .
وفي الاسماء والصفات للبيهقي ص ( 298 ) :

( روى الفربري عن محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال :
معنى الضحك فيه - أي حديث الضحك - الرحمة ) اه

*تأويل الحسن البصري والنضر بن شميل القدم بمن سبق بهم العلم :
في الاسماء والصفات للبيهقي ص ( 352 )
أن النضر بن شميل قال :
في حديث : ( حتى يضع الجبار فيها قدمه ) :
أي من سبق في علمه أنه من أهل النار .

 

وفي دفع شبه التشبيه لابن الجوزي ص :
( وقد حكى أبو عبيد الهروي - صاحب كتاب غريب القرآن والحديث - عن الحسن البصري أنه قال :
القدم : هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها ) اه

* تأويل ابن جرير الطبري للاستواء بعلو السلطان :
في تفسير ابن جرير ( 1 / 192 ) :
في قوله تعالى : ( ثم استوى إلى السماء ) :
( والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله : ( ثم استوى إلى السماء ) الذي هو بمعنى : العلو والارتفاع هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم ، كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر ، ثم لم يبج مما هرب منه ، فيقال له :
زعمت أن تأويل قوله : ( استوى ) : أقبل ، 

أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها ؟
فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبير ، قيل له : فكذلك فقل : علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال ) اه

* تأويل ابن حبان القدم بالموضع :
في صحيح ابن حبان ( 1 / 502 ) :

فيحديث : ( حتى يضع الرب قدمه فيها - أي جهنم - )
قال :
( هذا الخبر من الاخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة ، وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الامم والامكنة التي يعصى الله عليها ، فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والامكنة في النار فتمتلئ ، فتقول : قط قط ، تريد : حسبي حسبي ، لان العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع 
قال الله جل وعلا : ( لهم قدم صدق عند ربهم ) يريد : موضع صدق ، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار ، جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه )اه

* تأويل الامام مالك ويحي بن بكير النزول بنزول الأمر :
في التمهيد لابن عبد البر ( 7 / 143 )

وسير أعلام النبلاء ( 8 / 105 )

( قال ابن عدي : حدثنا محمد بن هارون بن حسان ، حدثنا صالح بن أيوب حدثنا حبيب بن أبي حبيب حدثني مالك قال : " يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره ، فأما هو فدائم لا يزول "
قال صالح : فذكرت ذلك ليحيى بن بكير ، فقال حسن والله ، ولم أسمعه من مالك

* تأويل الحسن المجئي بمجيء الأمر والقضاء وتأويله الكلبي بنزول الحكم :
في تفسير الإمام البغوي 4/454:

عند قوله تعالى ( وجاء ربك والملك صفا ):
( وجاء ربك ) قال الحسن : جاء أمره وقضاؤه 0وقال الكلبي : ينزل حكمه 0)


*تأويل الترمذي حديث الحبل :
في جامع الترمذي 5/403

عن أبي هريرة قال : بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم ...
والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم }
قال أبو عيسى :
هذا حديث غريب من هذا الوجه قال ويروي عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه علم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه ) اه

* تأويل الأعمش و الترمذي الهرولة بالمغفرة والرحمة :
في سنن الترمذي 5/581 :

( عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملإ خير منهم وإن اقترب إلي شبرا اقتربت منه ذراعا وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة 

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا يعني بالمغفرة والرحمة وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا إنما معناه يقول إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وما أمرت أسرع إليه بمغفرتي ورحمتي  
وروي عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية { فاذكروني أذكركم } قال اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا الحسن بن موسى وعمرو بن هاشم الرملي عن بن لهيعة عن عطاء بن يسار عن سعيد بن جبير بهذا ) اه

* تأويل ابن المبارك الكنف بالستر :
في خلق أفعال العباد ص 78 :

عن صفوان بن محرز عن بن عمر رضي الله عنهما قال بينما أنا أمشي معه إذ جاءه رجل فقال يا بن عمر كيف * سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في النجوى قال سمعته يقول يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه خ قال فذكر صحيفة فيقرره بذنوبه هل تعرف فيقول رب أعرف حتى يبلغ به ما شاء أن يبلغ فيقول إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافر فينادي على رؤوس الأشهاد قال الله ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين قال بن المبارك كنفه يعني ستره ) اه 


 جمعها الشيخ /عبدالفتاح قديش 

ضلال الوهابية في فهم المجاز واتباعهم الهوى



الدكتور يسري جبر : عالم أزهري جليل , تلمذ لسيدي الحافظ السيد عبد الله الغماري رضي الله تعالى عنه وسيدي الحافظ التجاني رضي الله تعالى عنه وسيدي العارف بالله الشيخ محمد زكي إبراهيم رضي الله تعالى عنه , وغيرهم من الأفاضل , ومنهم إجازاته وأسانيده

الخميس، 29 أغسطس 2013

ما حكم الترجى والحلف بالنبى صل الله عليه وسلم

هذه فتوى دار الإفتاء المصرية 
وهى جامعة مانعة 

ما حكم الحلف بغير الله، وهل الترجي بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآل البيت والكعبة والمصحف؟ كأن يقول الإنسان مثلاً : «والنبي تعمل كذا»، «وسيدنا الحسين وغلاوته عندك»، والمقصود الترجي وليس القسم ،وهل يُعَدُّ ذلك شركًا؟ حيث يفاجأ الإنسان إذا قال ذلك بمن يقول له : هذا حرام، هذا شرك، قل : لا إله إلا الله ؟
جاء الإسلام وأهل الجاهلية يحلفون بآلهتهم على جهة العبادة والتعظيم لها ؛مضاهاة لله سبحانه وتعالى عما يشركون، كما قال عز وجل واصفًا حالهم : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ }([1]) ،
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حماية لجناب التوحيد ،فقال : « مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ [وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى] فَلْيَقُلْ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ»([2]) ،
وقال صلى الله عليه وسلم : « مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ »([3]) أي : قال قولاً شابه به المشركين لا أنه خرج بذلك من الملة – والعياذ بالله – فإن العلماء متفقون على أن الحالف بغير الله لا يكون كافرًا حتى يُعَظِّم ما يحلف به كتعظيم الله تعالى ،وكُفْرُه حينئذٍ من جهة هذا التعظيم لا من جهة الحلف نفسه .
وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بأهل الجاهلية في حلفهم بآبائهم؛ افتخارًا بهم، وتقديسًا لهم، وتقديمًا لأنسابهم على أخوة الإسلام جاعلين ولاءهم وعداءهم على ذلك؛ فقال صلى الله عليه وسلم : «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ وَإِلاَّ فَلْيَصْمُتْ»([4]). وعلة هذا النهي قد بَيَّنها صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الآخر : « لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا ،إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخُِرْءَ بِأَنْفِهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ»([5])، 
وكما قال تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً }([6]) ،قال المفسرون : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم، فيقول الرجل منهم : كان أبي يُطْعِم ويحمل الحَمَالات ،ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم.
أما الحلف بما هو مُعَظَّم في الشرع كالنبي صلى الله عليه وسلم، والإسلام، والكعبة فلا مشابهة فيه لحلف المشركين بوجه من الوجوه، وإنما مَنَعَه مَنْ مَنَعَه مِنَ العلماء أخذًا بظاهر عموم النهي عن الحلف بغير الله، وأجازه من أجازه ؛كالإمام أحمد في أحد قوليه رضي الله عنه ،وتعليله ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم أحد ركني الشهادة التي لا تتم إلا به؛ لأنه لا وجه فيه للمضاهاة بالله تعالى بل تعظيمه بتعظيم الله له، وظاهر عموم النهي عن الحلف بغير الله تعالى غير مراد قطعًا لإجماعهم على جواز الحلف بصفات الله تعالى، فهو عموم أريد به الخصوص .
قال ابن المنذر :«اختلف أهل العلم في معنى النهي عن الحلف بغير الله، فقالت طائفة : هو خاص بالأيمان التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيمًا لغير الله تعالى كاللات والعزى والآباء، فهذه يأثم الحالف بها ولا كفارة فيها، وأمّا ما كان يؤول إلى تعظيم الله كقوله : وحق النبي، والإسلام، والحج، والعمرة، والهدي، والصدقة، والعتق، ونحوها مما يراد به تعظيم الله والقربة إليه فليس داخلاً في النهي، وممن قال بذلك أبو عبيد وطائفة ممن لقيناه، واحتجوا بما جاء عن الصحابة من إيجابهم على الحالف بالعتق، والهدي، والصدقة ما أوجبوه مع كونهم رأوا النهي المذكور، فدل على أن ذلك عندهم ليس على عمومه ؛ إذ لو كان عامًّا لنَهَوْا عن ذلك ولم يوجبوا فيه شيئًا »([7]) ا هـ .
أما عن الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره مما لا يُقْصَد به حقيقةُ الحلف؛ فغير داخل في النهي أصلًا، بل هو أمر جائز لا حرج فيه حيث ورد في كلام صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة الكرام، فمن ذلك :
ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهْ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ»([8])، وحديث الرجل النجدي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام. وفي آخره : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» أَوْ : «دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ»([9]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ نَبِّئْنِى بِأَحَقِّ النَّاسِ مِنِّى بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ ، فَقَالَ : « نَعَمْ وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ ؛ أُمُّكَ »([10]).
وعَنْ أَبِى الْعُشَرَاءِ ،عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلاَّ فِي الْحَلْقِ أَوِ اللَّبَّةِ ؟ قَالَ : « وَأَبِيكَ لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لأَجْزَأَكَ»([11])
وروي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَقَالَ : «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» فَنُووِلَ ذِرَاعًا فَأَكَلَهَا ،ثُمَّ قَالَ : «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» ،فَنُووِلَ ذِرَاعًا فَأَكَلَهَا ،ثُمَّ قَالَ : «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ» ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هُمَا ذِرَاعَانِ ! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : «وَأَبِيكَ لَوْ سَكَتَّ مَا زِلْتُ أُنَاوَلُ مِنْهَا ذِرَاعًا مَا دَعَوْتُ بِهِ»([12]).
 
وجاء في قصة الأَقْطَعِ الَّذِي سَرَقَ عِقْدًا لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال له : « وَأَبِيكَ مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ »([13]).
 
وثبت في الصحاح؛ أن امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت له : « لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ »([14]) تعني طعام أضيافه.
قال الإمام النووي :«ليس هذا حلفًا ، وإنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف؛ لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته بالله سبحانه وتعالى ، فهذا هو الجواب المرضي» ([15]).
ونقل الحافظ ابن حجر قول الإمام البيضاوي في هذا الشأن ؛حيث قال : «وقال الإمام البيضاوي : هذا اللفظ من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد ولا يراد به القسم، كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء» ([16]).
وبناءً على ذلك فإن الترجي أو تأكيد الكلام بسيدنا صلى الله عليه وسلم أو آل البيت أو غير ذلك كما جاء بالسؤال مما لا يُقصد به حقيقة الحلف؛ هو أمر مشروع لا حرج على فاعله لوروده في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة، وجريان عادة الناس عليه بما لا يخالف الشرع الشريف، وليس هو حرامًا ولا شركًا، ولا ينبغي للمسلم أن يتقول على الله بغير علم؛ حيث يقول تعالى : 
{ وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ }([17])، ولا يجوز للعاقل أن يتهم إخوانه بالكفر والشرك فيدخل بذلك في وعيد قوله صلى الله عليه وسلم : « إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»([18]). والله تعالى أعلى وأعلم.


--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البقرة : 165.
([2]) أخرجه أحمد في المسند، ج2 ص 309، والبخاري في صحيحه، ج4 ص 1841، ومسلم في صحيحه، ج3 ص 1267.
([3]) أخرجه أحمد في المسند، ج2 ص 67، وأبو داود في سننه، ج 3 ص 223، والترمذي في سننه، ج4 ص 110.
([4]) أخرجه أحمد في المسند، ج2 ص 11، والبخاري في صحيحه، ج5 ص 2265، ومسلم في صحيحه، ج3 ص 1267.
([5]) أخرجه أحمد في المسند، ج2 ص 361، والترمذي في سننه، ج5 ص734 ،واللفظ له.
([6]) البقرة : 200.
([7]) فتح الباري، لابن حجر ، ج11 ص 535.
([8]) أخرجه أحمد في المسند، ج2 ص 231، ومسلم في صحيحه، ج2 ص 716.
([9]) أخرجه مسلم في صحيحه، ج1 ص 41، وأبو داود في سننه، ج1 ص 107.
([10]) أخرجه مسلم في صحيحه، ج4 ص 1974، وابن ماجه، ج2 ص 903.
([11]) رواه البيهقي في سننه الكبرى، ج9 ص 246.
([12]) أخرجه أحمد في مسنده، ج2 ص 48، وذكره أبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد، ج8 ص 312.
([13]) أخرجه مالك في الموطأ، ج 2 ص 835، والبيهقي في الكبرى، ج8 ص 273، والشافعي في مسنده، ج1 ص 336.
([14]) أخرجه أحمد في مسنده، ج1 ص 198، والبخاري في صحيحه، ج1 ص 27، ومسلم في صحيحه، ج3 ص 1627.
([15]) شرح صحيح مسلم، للإمام النووي، ج1 ص 168.
([16]) فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ ابن حجر، ج11 ص 534.
([17]) النحل : 116.
([18]) أخرجه أحمد في مسنده، ج2 ص 112، ومسلم في صحيحه، ج1 ص 79، ومالك في الموطأ، ج2 ص 984.

الإمام أحمد يجيز التوسل والحلف بالنبى صل الله عليه وسلم

مالك والشافعى وأبي حنيفة ـ على أنه لا يسوغ الحلف بغيره من الأنبياء والملائكة‏.‏ ولا تنعقد اليمين بذلك باتفاق العلماء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى تنعقد اليمين به خاصة دون غيره؛ ولذلك قال أحمد فى منسكه الذى كتبه للمروذى ‏[‏أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذى، صاحب الإمام أحمد، حدث عن أحمد بن حنبل ولازمه وعن هارون بن معروف ومحمد بن منهال وروى عنه أبو بكر الخلال وعبد الله الخرقى، ولد فى حدود المائتين، وتوفى سنة خمس وسبعين ومائتين‏.‏ ‏[‏سير أعلام النبلاء 13 173-175‏]‏ صاحبه‏:‏ إنه يتوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم فى دعائه، ولكن غير أحمد قال‏:‏ إن هذا إقسام على الله به، ولا يقسم على الله بمخلوق، وأحمد فى إحدى الروايتين قد جوز القسم به، فلذلك جوز التوسل به‏.‏ 
 وعن أحمد بن حنبل رواية: أنه يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يجب الإيمان به خصوصًا، ويجب ذكره في الشهادتين والأذان فلإيمان به اختصاص لا يشركه فيه غيره، واختار هذا طائفة من أصحاب الإمام أحمد كالقاضي أبي يعلى[72] وغيره خصوا ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم
وقال ابن عقيل[73]: بل هذا كونه نبيًا وطرد ذلك في سائر الأنبياء.
 

قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني: (فَصْلٌ : وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِالْحَلِفِ بِمَخْلُوقٍ ; كَالْكَعْبَةِ ، وَالْأَنْبِيَاءِ ، وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهَا. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا : الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينٌ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : إذَا حَلَفَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَنِثَ ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. قَالَ أَصْحَابُنَا : لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ ، فَالْحَلِفُ بِهِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ ، كَالْحَلِفِ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ ، قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { مَنْ كَانَ حَالِفًا ، فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ ، أَوْ لِيَصْمُتْ }. وَلِأَنَّهُ حَلِفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ ، فَلَمْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ ، كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ ، فَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِهِ ، كَإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ ، وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ اسْمِ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى اسْمِهِ ; لِعَدَمِ الشَّبَهِ ، وَانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي هَذَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْإِيجَابِ).


وقال العلامة المرداوي في الإنصاف: (وَأَمَّا الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ. وَهُوَ اخْتِيَارُهُ. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا : تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَقَدَّمَهُ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مِثْلُهُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. تَنْبِيهٌ : ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( خَاصَّةً ) أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ : لَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَالْتَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِكُلِّ نَبِيٍّ



 ونقل عن أحـــمــــــد بـــن حــنــبــــــل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما يعرف النزاع في الحلف بالأنبياء،
فعن أحمد في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم روايتان:
إحداهما: لا ينعقد اليمين به كقول الجمهور؛ مالك وأبي حنيفة والشافعي.
والثانية: ينعقد اليمين به واختار ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي وأتباعه، وابن المنذر وافق هؤلاء.
وقصر أكثر هؤلاء النزاع في ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وعدَّى ابن عقيل هذا الحكم إلى سائر الأنبياء).